التداوي بأبوال وألبان الإبل
قال تعالى ( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ) الغاشية
يقول ابن كثير رحمه الله تعالى : يقول الله عز وجل آمرا عباده بالنظر إلى مخلوقاته الدالة على قدرته وعظمته فإنها خلق عجيب ، وتركيبها غريب ، فإنها في غاية القوة و الشدة ، وهي مع ذلك تلين للحمل الثقيل ، وتنقاد للقائد الضعيف ، وتؤكل وينتفع بوبرها ، ويشرب لبنها - مختصر تفسير ابن كثير ففي خلق الإبل من الآيات العظيمة ما تأخذ الألباب و العقول وما يزيد الإنسان دهشة وذهول وما يديم للمسلم الفرح و السرور ، ومن بين هذه الآيات لا الحصر لبن وبول النوق
فالناقة تحلب تحلب طوال العام في المتوسط بمعدل مرتين في اليوم ، ويبلغ متوسط الإنتاج اليومي مابين 5 و 10 كجم من اللبن بينما يبلغ متوسط الإنتاج السنوي من 230 إلى 260 كجم ، ويختلف تركيب لبن النوق بحسب سلالة الإبل التي تنتمي إليها ومن ناقة إلى أخرى تبعا لنوعية الأعلاف التي تتناولها الناقة والنباتات الرعوية التي تقتات منها و المياه التي تشربها وكمياتها وفقا لفصول السنة التي تربى فيها و العمر الذي وصلت إليه الناقة ، وفترة الإدرار، وعدد الموالي و القدرات الوراثية التي يمتلكها الحيوان ذاته.
لبن الناقة الصغيرة يكون مائلا للحمرة و عادة حلو المذاق لاذع إلا أنه في بعض الأحيان مالح ، و يتراوح متوسط نسبة الدهون في لبن الناقة بين 2.06 و 5.5 من المائة ، ويحتوي لبنها على أحماض دهنية قليلة قصيرة التسلسل و تكمن قيمة لبن النوق في التركيز العالي للأحماض الطيارة التي تعتبر من أهم العوامل المغذية للإنسان و خصوصا الأشخاص المصابين بأمراض القلب
أما اللاكتوز وهو سكر اللبن في لبن الناقة يظل دون تغيير مند الشهر الأول لفترة الإدرار و حتى في كل من الناقة العطشى و الناقة المرتوية من الماء ، وهذا من لطف العلي القدير ، حيث يستخدم السكر كملين ومدر للبول و هو من السكريات الضرورية التي تدخل في تركيب أغذية الرضع و تبلغ نسبته حوالي 5.88 في المائة متفوقا بذلك على سائر الحيوانات.
عن أنس رضي الله عنه قال : " قدم رهط من عرينة وعكل على النبي صلى الله عليه وسلم فاجتووا المدينة فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : لو خرجتم إلى إبل الصدقة فشربتم من أبوالها و ألبانها ، ففعلوا ، فلما صحوا عمدوا إلى الرعاء فقتلوهم ، واستاقوا الإبل ، وحاربوا الله ورسوله ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم فأخذوا ، فقطع أيديهم و أرجلهم وسمل أعينهم و ألقاهم في الشمس حتى ماتوا " البخاري 12/198 ، مسلم 1671
اجتووا المدينة معناه عافوا المقام بالمدينة و أصابهم بها الجوى في بطونهم ، والجوى هو داء من أدواء الجوف وهو الإستسقاء و يدل على هذا ما رواه مسلم في صحيحه في هذا الحديث أنهم قالوا : إنا اجتوينا المدينة ، فعظمت بطوننا و ارتهشت أعضاؤنا ،... وذكر الحديث.
وفي رواية النسائي عنه قال " قدم أعراب من عرينة الى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا، فاجتتوا المدينة حتى اصفرت ألوانهم ، وعظمت بطونهم فبعث بهم رسول الله عليه وسلم إلى لقاح له ، و أمرهم أن يشربوا من ألبانها و أبوالها حتى صحوا ، فقتلوا راعيها و استاقوا الإبل ، فبعث نبي الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم فأتى بهم ، فقطع أيديهم و أرجلهم ، وسمل أعينهم ، قال أمير المؤمنين عبد الملك لأنس وهو يحدثه الحديث : أبكفرهم أم بذنب ؟ قال بكفر "
وخلاصتنا لهذه القصة أن جماعة من الرجال أسلموا ونزلوا ضيوفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة "فأجتووا المدينة " أي أصابهم المرض .
قال سادة المفسرين : الجوى : داء يأخذ من الوباء ، وقال بعضهم الجوى ، داء يصيب الجوف ، فكل الروايات لاتقطع أن جميعهم قد عظمت بطونهم ، فيحتمل أن بعضهم كان به هزال شديد و بعظهم عظمت بطونهم ، وبعضهم اصفرت ألوانهم ، وزد على ذلك ما جاء في رواية عن مسلم عن معاوية بن قرة عن أنس " وقع بالمدينة الموم " و الموم هو البرسام و هو مرض يصيب اختلال العقل ، ورم في الرأس وورم في الصدر – فجميعهم لا يلزم أن يكونوا قد أصيبوا بمرض واحد وقد قال ابن حجر أنهم في الغالب قدموا المدينة وهم مرضى ، ثم أقاموا فيها فاستوخموها أي لم توافقهم " فأمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالخروج الى لقاح " و اللقاح هي النوق ذات ألبان " فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشدهم بالخروج إلى المدينة إلى حيث ترعى الإبل فيشربوا من ألبانها و أبوالها ، والشاهد فيما تقدم أن سيد الأطباء محمد صلى الله عليه وسلم عالج أمراضهم الجوفية المختلفة و المتعددة بشيء واحد و هو ألبان و أبوال الإبل .
ونسجل هنا أن :
1 – شرب لبن وبول الإبل للتداوي من السنة
2 – يستخدم لبن وبول الإبل لعلاج الأمراض التي تسبب صفرة اللون
3 – بول الإبل لا يحتوي على سموم مادام شربها دواء من السنة
4 – يستخدم لبن وبول الإبل لعلاج أمراض الاستسقاء
5 – يستخدم لبن وبول النوق لعلاج الهزال الشديد
6 – يستخدم لبن وبول الإبل لعلاج أمراض الجوف
7 – يستخدم لبن و بول الإبل كعلاج سريع المفعول و آمن
أقوال السلف في التداوي بألبان وأبوال الإبل
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : فإن في لبن اللقاح جلاء و تلينا و إدرار و تلطيفا و تفتيحا للسدود إذا كان أكثر عيشها الشيح و القيصوم و البابونج و غير ذلك من الأدوية النافعة .
قال الرازي : لبن اللقاح يشفي أوجاع الكبد وفساد المزاج.
و قال أيضا في كتاب الطب النظري و العلمي و في أحكام الأدوية : ولا تلتفت إلى ما يقال من أن طبيعة اللبن مضادة لعلاج الاستسقاء . قال : و اعلم أن لبن النوق دواء نافع لما فيه من الجلاء برفق ، وما فيه من خاصية، و أن هذا اللبن شديد المنفعة ، فلو أن إنسانا أقام عليه بدل الماء و الطعام لشفي به ، وقد جرب ذلك في قوم دفعوا إلى بلاد العرب ، فقادتهم الضرورة إلى ذلك ، فعوفوا.
وأنفع الأبوال بول الجمل الأعرابي وهو النجيب – زاد المعاد -
وقال آخر: لبن اللقاح أرق الألبان و أكثرها مائية و حدة و أقلها غذاءا فلذلك صار أقواها تلطيفا للفضول وإطلاقا للبطن و تفتيحا للسدد .
عن طارق بن شهاب قال : كان رجل به خنزير – وهي قروح صلبة تحدث في الرقبة – فتداوى بأبوال الإبل و الأراك ، تطبخ أبوال الإبل و الأراك ،فأخذ الناس يسألونه فيأبى ، فلقي ابن مسعود فقال : أخبر الناس به .
قال الزهري رحمه الله تعالى : قد كان المسلمون يتداوون بها أي بأبوال الإبل فلا يرون بها بأسا – فتح الباري باب 63 كتاب الوضوء - .
قال المنذر رحمه الله تعالى : إن الناس مازالوا يستعملون أبوال الإبل في أدويتهم قديما وحديثا .
أقوال الباحثين
جاء في كتاب الطب النبوي في ضوء العلم الحديث : لقد تبين أن حليب النوق يحتوي على سكر اللبن لاكتوز ، وهو سكر له مفعول مدر للبول كما يحتوي خلاصات بعض الأعشاب العطرية كالإكليل و الزعتر التي ترعاها النوق وهذه الخلاصات تنشط الكبد و تحرض على خروج المواد الصفراوية من الحويصلة الصفراء .
وذكر الدكتور محمد فضل في كتابة " الإبل العربية " أن حليب النوق يستخدم في كثير من الصحاري في معالجة أمراض الكبد و فقر الدم و مرض السل .... كما وجد أن حليب الإبل يحوي كثيرا من المعادن و الفيتامينات الضرورية لإستعادة المرضى قواهم و حيويتهم و نشاطهم .
أبحاث علمية
- جاء في الـ : بي بي سي ، وجريدة يدعون أحرنوت الإسرائلية أن البروفيسور " ريئوفين يغيل " الذي يعمل بجامعة بن غورية في بئر السبع وبمشاركة طاقة من الأطباء الذين يقومون بدراسات و أبحاث عن لبن الناقة حيث قال " هناك إكتشافات مثيرة جدا فيما يتعلق بالتركيبة الكيمائية لحليب الناقة الذي يشبه حليب
الأم أكثر مما يشبه حليب البقر ، فقد اكتشف أن حليب الناقة يحتوي على كمية من اللاكتوز إضافة إلى احتوائه على كمية كبيرة من فيتامين : سي ، و الكالسيوم ، و الحديد ، وهو ما يجعله ملائما للأطفال الذين لا يرضعون ، و تنبي من البحث أن حليب الناقة غني ببروتينات جهاز المناعة لكنه لا يحتوي على البروتين الاثنين المعروفين بحساسيتهما ، ولذلك فهو ملائم لمن لم يتمكن جهازه الهضمي من هضم سكر الحليب.
* هذا الباحث هو يهودي ، واليهود يحرمون على أنفسهم حليب الإبل فهو تحريمهم ينكسر أمام بحوثهم
- أجرت الدكتورة أحلام العوضي بالتعاون مع الدكتورة ناهد هيكل في كلية التربية A . NIGERللبنات بالأقسام العلمية بجدة ، بحثا عن بول الإبل في القضاء على فطر:
الذي يصيب الإنسان و النبات والحيوان و كانت هذه البداية حيث توالت أبحاثها في استخدام أبوال الإبل لعلاج الإمراض الجلدية و بحث آخر في مكافحة الأمراض بسلالات بكتيرية معزولة من بول الإبل فتكللت هذه الأبحاث بالنجاح ، فنالت براءة الاختراع من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم ، كما أشرفت الدكتورة أحلام العوضي على بعض الرسائل العلمية ومنها بحث للطالبة منال القطان التي نجحت في تأكيد مستحضر تم إعداده من بول الإبل وهو أول مضاد يصنع بهذه الطريقة على مستوى العالم .
بعض الأمراض التي ينصح باستعمال أبوال الإبل وألبانها لعلاجها
- إلتهاب الكبد
- السل الرئوي و الربو الشعبي و الاستسقاء ، واليرقاء ، الأنيمياء و آلام الطحال و البواسير
- إنسداد الحويصلة الصفراء
- حماية الأمعاء من بعض أنواع البكتيريا التي تسبب فساد الأغذية داخل الأمعاء
- هشاشة العظام ، وتآكلها لدى المسنين وكذلك الكساح عند الأطفال
-الزكام ، الحمى ، فقر الدم ، الأمراض الباطنية ، كالقرحة المعدية ، القولون .
سكر الحليب يدخل في تركيب ، وبناء الخلايا العصبية وخلايا المخ .
- علاج المصابين بالسكري ، نتيجة الإعياء الكبدي عندهم
- يستخدم كملين ومدر للبول عند شربه
أحكام شرعية
وقد جاء في كتاب الطب النبوي للحافظ أبو عبد الله محمد بن احمد الذهبي تحقيق أحمد رفعت البداوي مايلي " وقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الأتن و ألبانها يوم خيبر ويجوز شرب أبوال الإبل للضرورة ، نص عليه في رواية أبي صالح محمد بن الحسن و اسحاق بن ابراهيم و حرب وعبد الله و الأثرم وابراهيم بن الحرث .
أما شربها لغير ضرورة فهل يجوز ؟ الصحيح أنه يجوز لحديث أنس المتقدم ".
"يقول السائل : نعرفكم بأننا نعمل في الصحراء ، رعاء للإبل ونشك في طهرنا ، لأننا بعض المرات نتوضأ بلا أحذية أجلكم الله ، وندوس على فضلات الإبل ، وأحيانا نصلي عليها وسمعنا من بعض الناس أن أي شيء تصل إليه الشمس فهو طاهر فحدثونا عن الحكم وفقكم الله .
الجواب : دوس أبوال الإبل و أواراث الإبل لايضر لأن أورثها طاهرة و أبوالها طاهر ، وهكذا الغنم ، البقر وبقية مأكولي اللحم فلا يضركم مايصيب أرجلكم من ذلك ولاينبغي لكم الشك بلادليل و الأصل في الطهارة ، فما أصاب الارجل مما لاتعرفون فاغسلوا الرجل مما أصابهم ، ........
من موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية"
فسبحان الله