( الرقى ) ، مباحث في الرقية :
تعريفها : قال في لسان العرب : الرقية العوذة .
وقال ابن الأثير : الرقية العوذة التي يرقى بها أصحاب الآفة كالحمّى والصرع وغير ذلك من الآفات .
أنواعها : 1. رقى شرعية . 2. رقى شركية .
أولاً : الرقــــــــــــــى الشرعيـــــــــــة :
ما كان خالياً من الشرك ، بأن يقرأ على المريض شيء من القرآن أو يعوذ بأسماء الله وصفاته ، فهـذا مبــاح .
قال الإمام السيوطي : قد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط :
1. أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته .
2. أن تكون الرقى باللسان العربي وما يُعرف معناه .
3. أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها ، بل بتقدير الله تعالى .
قال ابن حجر في الفتح : قد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع هذه الشروط .
مشــروعية الرقيــة :
النبي صلى الله عليه و سلم رقى ورُقي وأمر بالرقية وأجازها .
عن جابر رضي الله عنه قال : كان خالي يرقي من العقرب فنهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الرقى ، قال : فأتاه فقال : يا رسول الله ، إنك نهيت عن الرقى وأنا أرقي من العقرب ، فقال : ( من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل ) . رواه مسلم
وعن جابر قال : كان أهل بيت من الأنصار يقال لهم آل عمرو بن حزم ، يرقون من الحمة ، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد نهى عن الرقى ، فأتـوه فقالـوا : يا رسـول الله ، إنك قد نهيت عن الرقى ، وإنا نرقي من الحمة ، فقال لهم : ( اعرضوا علي ) ، فعرضوها عليه فقال : ( لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً ) . رواه مسلم
استحباب رقية المريض ، ورقية النبي صلى الله عليه و سلم :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا اشتكى منَّا إنسان مسحه بيمينه ثم قال : ( أذهب البأس رب الناس ، واشفِ أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقماً ) . رواه مسلم
وعن عثمان بن أبي العاص صلى الله عليه و سلم أنه اشتكى إلى رسـول الله صلى الله عليه و سلم وجعاً يجده في جسده منذ أسـلم ، فقال له رسـول الله صلى الله عليه و سلم : ( ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ثلاثاً ، وقل سبع مرّات : أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ) . رواه مسلم
وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعوذ الحسن والحسين : ( أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة ) ويقول : ( إن أباكما كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق ) . رواه البخاري
الرقيــة من العين :
قد دلت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه و سلم على الرقية من العين ، ومنها :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( أمرني رسول الله صلى الله عليه و سلم أو أمر أن نسترقي من العين ) . متفق عليه
حديث ابن عباس السابق .
عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال : ( لا رقية إلا من عين أو حُمَة ) . رواه أحمد وأبو داود
معنى الحديث : أي لا رقية أولى وأنفع منها .
رقيــة العين :
( بسم الله أرقيك من كل داءٍ يؤذيك ، ومن شر كل نفس أوعين حاسد الله يشفيك ، بسم الله أرقيك ) . رواه مسلم
( بسم الله يبريك ، من كل داءٍ يشفيك ، ومن كل سر حاسد إذا حسد ، ومن كل ذي عين ) . رواه مسلم
القراءة على الإناء كالمائعات ، ثم يتناوله المريض .
اختلف العلماء :
1. لا يجوز ، لأنها لم ترد .
2. أنها تجوز .
أ) ـ لعموم قوله تعالى : ﴿ وننزل من القرآن ما هو شفاء ﴾ .
ب) ـ حديث أم سلمة : ( أنها كانت عندها جلجل من فضة فيه شعيرات للرسول صلى الله عليه و سلم ، فكانت إذا جاء المريض تضع الشعرات في الماء للاستشفاء ) .
فإذا كانت أبعاض الرسول صلى الله عليه و سلم مباركة يستشفى بها فكذلك القرآن .
ج) عند أبي داود في الطب : ( أن الرسول قرأ في إناء وصبه على مريض ) .
وهـذا القول هــو الصحيـح .
الوســائل الشرعية لدفع العين :
[1] ـ أحسنها القراءة .
قال صلى الله عليه و سلم : ( لا رقية إلا من عين أو حُمَة ) .
وعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه و سلم : ( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لجارية في بيت أم سلمة ، رأى بوجهها سَفْعَة فقال : " بها نظرة فاسترقوا لها " ) . متفق عليه
[2] ـ الاغتسال من ماء العائن :
وهذا أفضل علاج للعين ، فإذا اغتسل العائن أتي بالماء الذي اغتسل به ويصب على رأس المصاب .
دليـله : عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال : رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل فقال : والله ما رأيت كاليـوم ، ولا جلد مخبأة ، قال : فلبط سهل فأتي رسـول الله صلى الله عليه و سلم فقيل له : يا رسـول الله ، هل لك في سهل بن حنيف ، والله ما يرفع رأسـه ؟ فقال : ( هل تتهمون له أحداً ؟ ) قالوا : نتهم عامر بن ربيعة ، قال : فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم عامراً ، فتغلظ عليـه فقال : ( علام يقتل أحدكم أخـاه ؟ ألا برّكت ؟ اغتسـل له ) فغسـل له عامر وجهه ويديـه ومرفقيـه وركبتيه ، وأطـراف رجليه ، وداخلة إزاره في قدح ، ثم صب عليه ، فراح مع الناس ليس به بأس . رواه مالك وأحمد
قالت عائشة : ( كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين ) . رواه أبو داود
وهذا الاغتسال واجب عند بعض العلماء ، لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا استغسلتم فاغسلوا ) . رواه مسلم
[3] ـ التعوذ عليه :
كما كان الرسول صلى الله عليه و سلم يعوذ الحسن والحسين .
ثانياً : الرقـــــــــــــــــى الشركيـــــــــــــة :
وهي التي يستعان فيها بغير الله ، من دعاء غير الله والاستغاثة والاستعاذة به ، كالرقى بأسماء الجن ، أو بأسماء الملائكة والأنبياء والصالحين .
فهذا دعاء لغير الله وهو شرك أكبر ، أو يكون بغير اللسان العربي ، أو بما لا يُعرف معناه ، لأنه يخشى أن يدخلها كفر أو شرك ولا يعلم عنه ، فهذا النوع من الرقية ممنوع .