العقيدة دواء
الحاجة إلى العقيدة :
الإنسان مخلوق ضعيف ، ويرجع ضعفه إلى خصائص فيه وإلى خصائص في البيئة التي تؤويه فمهـما تعاظم الإنسان فلن يستطيع خرق الأرض ولن يستطيع بلوغ الجبال طولا، ومهما تزايدت قوته فلن يكون أقوى من الريح التي تعصف و الرعد الذي يبرق أو البحر الذي يزبد أو غيرها من قوى الطبيعة التي تغلبه لا محالة ورغم هذا فهو في حاجة إليها في طعامه وشرابه وملبسه ومسكنه وموطنه وملعبه وغير ذلك مما يميزه عن الطبيعة من حوله ، وعند محاولة الإنسان تلبية رغباته في العيش فهو يصطدم بهذه القوى و بعض المعوقات الدنيوية البشرية التى تِؤثر على توازنه العقلي أو الجسدي
يقول أحد الباحثين الغربيين : إن عدم استقرار الحياة العصرية و الانفعال الدائم و وانعدام الأمن يخلق حالة من الشعور تجلب الاضطرابات العصبية و العضوية للمعدة و الأمعاء ، وكذا نقص التغذية و تسرب الجراثيم المعوية إلى الدورة الدموية و التهاب الكلى و ما يصاحبه من أمراض الكلى و المثانة ، وإن هي إلا نتائج بعيدة لعدم توازن العقلي و الأدبي
ومن منطلق هذا الضعف وتلبيتا لحاجياته، بدأ الإنسان في رحلت للبحث عن القوة التي تعينه لإتمام حياته فبدأ بالالتجاء إلى غيره من البشر فكانت الجماعات والقبائل غير أن هذه القوة المضافة لم تؤثر كثيرا على قدرته في مواجهة الطبيعة بقسوتها وشراستها.. واستمر ضعفه كما هو، فاتجه إلى محاولة استرضاء هذه الطبيعة بما يتصور أن له علاقة بينه وبينها يستطيع أن ينميها فيخضعها وفشلت هذه المحاولة في الوصول إلى غرضها و الوصول إلى القوة ومن ثم الطمأنينة والأمان وفي بحثه الكوني اتجه إلى تصور القوة الأكبر لله التي تسيطر على كل هذه القوى الأصغر المناوئة له والتي تثير خشيته وخوفه، قال عز وجل عن إبراهيم عليه السلام (وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ) (75) . فكانت الملاحظة التي وجهه إليهـا الله عز وجل ملاحظة الكون سماءا وأرضا ليصل في النهاية إلى اليقين. (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين (76) فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين (77) فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يقوم إني بريء مما تشركون (78) إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين (79) وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به. إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون (80) " سورة الأنعام ".
وأخيرا اهتدي الإنسان إلى وجود خالقه وخالق الكون الرازق القادر القاهر المصور لكل ظاهره الباري ، وبهذا بدأت محاولات الإنسان في البحث عن العقيدة من خلال البحث عن الله أملا في طمأنينة وأمن ، وتحقيقا لاحتياجات ورغبات وهكذا بدا أن الاحتياج إلى العقيدة احتياج أساسي ملازم للحياة .
ومع الإحساس الفطري للإنسان بوجود الله الخالق نزلت الديانات السماوية تترى لتنتهي بالعقيدة الكاملة ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا). سورة المائدة/ 3
العقيدة والعلوم النفسية
يقول بريل المحلل النفسي : المرء المتدين لايعاني قط مرضا نفسيا .
ويذكر نهرى لينك العالم الإمريكي في كتابه العودة إلى الإيمان : الذين يترددون إلى دور العبادة يتمتعون بشخصية أقوى و أفضل ممن لادين لهم و لا يقومون بالعبادة.
ومن هنا فالعقيدة تشمل البشر جميعا حتى إننا نستطيع أن نجزم بأنه لا يوجد إنسان بلا عقيدة بمعنى أنه لا يوجد إنسان بلا مفهوم ينظم العلاقة بينه وبين القوى الحاكمة في الكون والحياة أي قوة الله، وهذه العقيدة نجدها في البشر الذين يؤمنون بالديانات السماوية كما نجدها في غيرهم من البشر الذين لا يؤمون بالديانات السماوية.
فالعقيدة فطرة فطر الله الناس عليها وكما في الحديث الشريف الذي معناه كل مولود يولد على الفطرة، أي وجود الاستعداد للعقيدة ، وإنما أبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه.
أي أن نوعية العقيدة هي التي تحدد بالظروف الاجتماعية التي تحكم الإنسان أما الأصل والعقيدة والاتجاه إليها ففطرة إنسانية.
والدراسة النفسية للعقيدة لا تضيف إليها شيئا بينما العقيدة تضيف الكثير إلى العلوم النفسية إذ أنها تبحث في أسباب التدين ولزومه وهو حقيقة ثابتة ثبات الشمس لا تحتاج لكثير من جهد لإثبات وجودها. ونلاحظ أن اهتمام العقيدة والعلوم النفسية بالإنسان اهتمام متبادل وقديم، ففي المرحلة الأولى من حياة البشرية كانت ترد بعض الأمراض النفسية إلى أسباب دينية كما كانت ترد أحيانا إلى أسباب طبيعية وهكذا نشأت ، دراسات علم النفس الديني والطب النفسي الديني في محاولة لفهم الإنسان من خلال معطيات الدين فالمرض في ضوء هذه المفاهيم سواء كان جسمانيا أو نفسيا ما هو إلا نتيجة للخطيئة أو التلبس بالشيطان وعلم النفس في علاقته مع العقيدة والدين اتجه اتجاهين الاتجاه الأول إلى دراسة فلسفة الدين والاجتماع البشري للدين وتطبيقاته العملية في مجال الوقاية والعلاج وهذه تعرفنا على تسميته علم النفس الديني . والاتجاه الثاني درس قضية التدين أي انتماء الفرد إلى عقيدة وكيف يتم ذلك وأسباب ذلك الانتماء وتأثيره على سلوك الفرد والجماعة وهذا الاتجاه أصبح يعرف بعلم نفس التدين .
العلاقة بين الأيمان و الأمن النفسي من الناحية الطبية
إن مرد تلك العلاقة ، يرجع إلى تركيب الجهاز العصبي خصوصا الذاتي منه ، بفرعيه ( السمبثاوي) "Sympathetic Nervous Systam " و ( الباراسمبثاوي "Para Smpathetic " ويسميان كذلك الودي وغير الودي وعلاقة ذلك الجهاز بمراكز المخ العليا من جهة و الغدد الصماء من جهة أخرى من طريق الهيبو ثلاموس أو منطقة تحت المهاد .
فهذا الجهاز يسيطر على الوظائف التي لا سلطان للإنسان عليها مثل نبضات القلب و قوتها وعددها وحركة الأمعاء و إفرازاتها وتدفق الدم في أجزاء الجسم المختلفة و إفرازات بعض الغدد مثل الغدد العرقية وغيرها . ويوجد مركز التحكم في هذا الجهاز في منطقة الهايبوثلاموس تحت المهاد وهذه تتصل بقشرة المخ (Cerbral Cortex) ، ومراكز المخ الأخرى و تتفاعل معها و تتأثر بها .
ومن ناحية أخرى تتصل الهيبوثلاموس بالغدة النخامية ، وهذه الغدة الموجودة في قاع الجمجمة رغم صغرها ، حيث تزن حوالي نصف جرام فإنها تسيطر على عدد من الغدد الصم المنظمة لكثير من وظائف الجسم مثل الغدة الدرقية و الغدة فوق الكلوية أو الكظرية و الخصيتين في الذكور و المبيضين في الإناث وذلك من طريق إفراز مواد كيماوية منشطة أو مثبطة لعمل تلك الغدد ، و العلاقة بينهما متبادلة .
و العلاقة بين نشاط هذه الغدد والحالة النفسية للإنسان وثيقة ، فإن التوتر يؤدي إلى زيادة في إفرازات تلك الغدد أو عدم توازنها . و إذا استمر التوتر فقد يؤدي إلى حالة مرضية بسبب زيادة تلك الإفرازات .
كما يصاحب الامراض العضوية لتلك الغدد تغيير في الحالة النفسية والعصبية للمريض . لا تختلف كثيرا عن الأمراض النفسية .
و الغدد الكظرية تفرز عديدا من الهرومونات ، أهمها الكورتيزول الأدرينالين ، وهما من هرمونات الإجهاد (أي يزيد إفرازهما عند التعرض للضغط و الإجهاد ).
ويؤثر الكورتيزول الذي يفرز من القشرة في كثير من وظائف الجسم فهو يؤثر في التمثيل الغذائي ( الإستقلاب) فيؤدي إلى زيادة معدل الجلوكوز في الدم ، وقد يؤدي إلى ظهور مرض السكري ويساعد على ترسيب الشحوم في مناطق معينة من الجسم ، ويؤثر في الأوعية الدموية فيزيد من ضغط الدم .
وكذلك يؤثر في بعض مكونات الدم والخلايا المناعية وغير ذلك من الآثار ، أما الأدرينالين فيفرزه كل من نخاع الغدة الكظرية و الجهاز السمبثاوي ( الودي) ، وهو يؤدي إلى زيادة ضربات القلب وقوتها ، وزيادة الدم الخارج من القلب ، وزيادة الجهد على القلب وانقباض بعض الأوعية الدموية ، وارتفاع ضغط الدم ، وزيادة معدل الجلوكوز في الدم ، وارتخاء عضلات الشعب الهوائية و الأمعاء ، واتساع حدقة العين وكلا الهرمونين الكورتيزول و الأدرينالين يعدان الجسم للتحفيز و مواجهة المواقف الصعبة والطارئة ، ويبدو ذلك واضحا في حالات الخوف و الانفعال حيث تزداد ضربات القلب ، ويرتفع الضغط و يقف الشعر ويتصبب عرقا بارد يصحبه شحوب في اللون وبرودة في الأطراف . وقد يقبض عضلات الرحم فتؤدي إلى الإجهاض في بعض الحالات.
ومن أثار نشاط الجهاز العصبي الذاتي الودي مايلي :
- اتساع حدقة العين
- زيادة سرعة ضربات القلب وقوتها
- يقلل من سرعة التنفس ، ويسبب ارتخاء عضلات الشعب الهوائية
- ارتخاء عضلات الأمعاء مع انقباض عضلات العصارة ، مسببا إمساكا مزمنا
- ارتخاء عضلات المثانة ، وانقباض عضلاتها العصارة وصعوبة التبول
- انقباض عضلات الحويصلة الصفراء
- ينبه عضلات الرحم ، وقد يؤدي الانفعال الشديد إلى الإجهاض
- يؤدي انقباض عضلات الأوعية الدموية ، مسببا ارتفاع في ضغط الدم
- ينبه بعض غدد الخلايا الجلد ، ويؤدي إلى انقباض عضلات جذور الشعر وينبه الغدد الدمعية وينبه إفراز الغدد اللعابية مؤديا إلى جفاف الحلق
- ينبه الغدة الكظرية فيزيد من إفراز الأدرينالين .
- يؤدي إلى انقباض عضلات الأوعية الدموية لأعضاء التناسل ، مسببا الضعف الجنسي ،وعدم القدرة على الانتصاب ، وسرعة القذف. وهكذا يعبئ الجهاز السمبثاوي الطاقة الجسمية لمواجهة الطوارئ
أما الجهاز الباراسمبثاوي فتتلخص آثاره ووظائفه في مايلي :
- قابض لحدقة العين ، وخافض للجفن العلوي
- يقلل من سرعة ضربات القلب
- زيادة سرعة التنفس ، مع انقباض عضلات الشعب الهوائية
- يغذي غشاء اللسان بألياف للتذوق ، وألياف لاستدرار إفرازه
- قابض للمريء و المعدة والأمعاء
- زيادة إفرازات المعدة والبنكرياس ، مع حدوث تنبيه بسيط لإفرازات الكبد والحويصلة الصفراء
- يغذي للغدد اللعابية
- انقباض عضلات المثانة مع ارتخاء عضلاتها العاصرة ، الأمر الذي يؤدي إلى كثرة البول
- يسبب ارتخاء أوعية أعضاء التناسل وتوسيعها ، خاصة أوعية القضيب و البظر ، فيسبب الانتصاب
* وعلاقة الجهاز العصبي الذاتي (اللاإرادي ) وكذلك أدرينالين الغدة الكظرية بالتوتر و الانفعال ، علاقة وثيقة تظهر في :
1 – التأثير في الجهاز العضلي الإرادي ، كما يحدث في حالات الغضب كذلك البكاء و الضحك و الابتسام
2 –التأثير في الغدد المقناة ، والعضلات الملساء و الأوعية الدموية مؤديا إلى زيادة إفراز العرق وزيادة ضغط الدم و احمرار الوجه أو شحوبه.
3 –التأثير في الجهاز التنفسي ، فيزيد معدل التنفس أو يقل تبعا للموقف وشدته
4 – التأثير في الجهاز الهضمي فقد لوحظ عند الغضب احمرار و تورم و انتفاخ الأغشية الداخلية للمعدة مع زيادة انقباض عضلاتها وارتفاع في نسبة إفراز الحامض وتكف المعدة عن الحركة ويصاحب ذلك إكلينيكيا صعوبة الهضم و انتفاخ البطن ، وإسهال أو إمساك ، و آلام ومغص في المعدة و الأمعاء
ولا يقتصر تأثير التوتر النفسي و الانفعال على هذه الأجهزة بل يمتد إلى أجهزة أخرى و يسبب عللا مختلفة مثل أمراض الحساسية و الربو و أمراض الجلد مثل الأكزيما و الصدفية و مرض السكري و أمراض الغدد الدرقية و أمراض الجهاز البولي و التناسلي في الذكور و الإناث .
هذا إضافة إلى أثر الانفعال في التفكير و القدرة على النقد و التصرف السليم وقوة الذاكرة و سلوك الفرد نحو نفسه ومجتمعه .
و الحالة السوية للإنسان هي حالة التوازن بين الجهازين الودي و الغير ودي حيث أن تأثير أحدهما يضاد تأثير الآخر إلا في حالات نادرة مثل الجماع حيث يعملان معا.
وهذا التوازن يمكن تحقيقه بالهدوء النفسي و الاطمئنان ومواجهة الأمور بحكمة ومواجهة الشدائد بالصبر ، فينعكس أثر ذلك على الجهاز العصبي بفرعيه وعلى الغدد الصماء .
وهنا يتضح دور الإيمان و العقيدة الصادقة و ارتباط الإنسان بخالقه وعلمه بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطاه لم يكن ليصيبه و أن له بكل بلاء أجرا وبكل شدة مغفرة و فرجا، فتستريح نفسه و تهدأ روحه حتى لو انفعل الإنسان المؤمن المسلم فإنه يعود سريعا إلى هدوئه و سكينته ولا يذهب به الفكر كل مذهب ، كما يحدث في هذا العصر حيث تفشت الأمراض النفسية والعضوية .
وبدلا من اللجوء إلى الله و الاعتصام به ذهب بعض الناس إلى المخدرات و الانغماس في الشذوذ ، بل وصل الأمر عند الغرب إلى التخلص من حياته يأسا وهروبا من الحياة وهربا من تبعاتها ، ولهذا فإن الاسلام أهتم بتربية النفس الانسانية أشد اهتمام و اهتم بالضوابط التي تحكم وتؤثر على النفس وسلوكها حتى لاتنحرف عن السبيل و الطريق السوي الذي رسمه لها الأسلام ومن أدلة ذلك الاهتمام قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم و القائم ولا يتم لرجل حسن خلقه حتى يتم عقله فعند ذلك تم إيمانه و أطاع ربه وعصى عدوه إبليس ) – رواه الترميذي و أبو داود -
نفحات من الكتاب و السنة
أنزل ربنا العلي القدير على لسان خليله إبراهيم عليه السلام في سورة الشعراء " و إذا مرضت فهو يشفين " الأية 80
فإبراهيم عليه السلام أسند المرض إلى نفسه ، و إن كان على قدر الله و قضائه وخلقه ولكن أضافه إلى نفسه أدبا مع الله ، أي إذا وقعت في مرض فإنه لا يقدر على شفائي أحد غيره بما يقدر من الأسباب الموصلة إليه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "عجب لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا المؤمن ، إن أصابته سراء شكر ، فكان خيرا له ، و إن أصابته ضراء صبر ، فكان خيرا له " رواه مسلم .
وعند الإمام أحمد عن صهيب رضي الله عنه قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد مع أصحابه ، إذ ضحك فقال : " ألا تسألون مم أضحك ؟ "قالوا يا رسول الله ومما تضحك ؟ قال : " عجبت لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، إن أصابه ما يحب حمد الله ، وكان خيرا له ، و إن أصابه ما يكره فصبر كان له خير ، وليس كل أحد أمره كله له خير إلا المؤمن "
وكان أحد السلف أقرع الرأس ، أبرص البدن ، أعمى العينين ، مشلول القدمين و اليدين ، وكان يقول : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيرا ممن خلق وفضلني تفضيلا ، فمر به رجل فقاله : مما عافاك ؟ أعمى و أبرص و أقرع ومشلول ، فمم عافاك ؟ فقال : ويحك يا رجل ، جعل لي لسانس ذاكرا ، وقلبا شاكرا وبدنا على البلاء صابرا .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه : العبد دائما بين نعمة من الله يحتاج فيها إلى شكر ، وذنب منه يحتاج فيه إلى الاستغفار، وكل هذه الأمور اللازمة للعبد دائما فإنه لايزال يتقلب في نعم الله و آلائه ، ولا يزال محتاجا إلى التوبة و الاستغفار.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء " رواه البخاري
وعموما مفهوم هذا الحديث ، أن جميع الأمراض الظاهرة و الباطنة ، الجسدية و الحسية لها أدوية تقاومها وتداويها بأمر الله عز وجل ، إلا أن هذا لا يمنعنا من تعلم طب الأبدان و القلوب ، بل وجب علينا التعلم لأن هذا العلم هو من جملة الأسباب النافعة بإذن الله
وخير ما نختم به قصة نبي الله أيوب عليه السلام ، قال تعالى في محكم التنزيل : " و اذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر و أنت أرحم الرحمين " – الأنبياء 83 -. واختصار للقصة نبي الله أيوب ، أن الله عز وجل أنعم على عبده الخير الكثير الظاهر عليه في جسده و عياله وماله ، فحمد الله حمدا كثيرا ، فابتلاه ربه بأن حبس عليه هذه النعم بل انزل عليه مرضا في بدنه ، فكان نبي الله أيوب من الصابرين الشاكرين ، فدعى ربه فقال " مسني الضر " - الأنبياء و قال " مسني الشيطان بنصب وعذاب " – ص 41-
ويروى أن أيوب عليه السلام كان أكثر الناس بكاء ن قال ابن عباس رضي الله عنهما : فلما ابتلى لم يبك قط مخافة أن يكون جزعا . وبصبره ودعائه لربه شفاه الله وعوضه .وخلاصة قولنا أن المسلم وجب عليه اليقين في أن الله عز وجل هو من ينزل علينا جميع أنواع الأمراض و الأسقام ، وهو ربنا الواحد الأحد الذي يشفينا